في اقصى الجنوب الشرقي من قضاء مدينة الضمير وعلى بعد حوالي سبعين كيلو مترا تقع حرة بركانية تدعى الصفا شديدة الوحشة والوعورة والجدب الا انه في جنوبها سهل يدعى الرحبةوافرالخصب والعشب وينزل في حرة الصفا وسهل الرحبة اعراب يدعون الغياث او عرب الصفا يقال ان اصلهم من عشيرة العمور ويقال من شمر وهم قليلون الظغن يقيظون في المنحدرات الشرقية من جبل الروز الشمالي ويشتون في الصفا وماحولها وكان الغياث في السابق يزرعون هذا السهل الفسيح المنقطع النظير في زكاء تربته التي تخصب بانصباب اودية جبل الدروز عليه الا انه في الوقت الحاضر اصاب القحط واجفاف سهل الرحبة بسبب اقامة سد الزلف علىالاودية التي تصب فيه .
والغياث على ماوصفهم البارون او بنهايم يختلفون بقية البدو بجهومة وجوههم وبصيص عيونهم ونحولة ابدانهم ورفع اعناقهم ورثاثة ملابسهم وهم فتاكون سلابون من الطراز الاول.
وعشيرة الغياث كغيرها لايعرف من تاريخها سوى ماتلوكه السنة البدو ويقصونه وخلاصته انهم قدمو من حائل في السعودية قبل حوالي قرنين نتيجة القحط والجفاف واستوطنو بحرة الصفا وبحرة عن اجل التي تقع في جنوبها وهما امنع ملجأ واعظم ملاذ اذا ماتغللغلو فيها فتعجز كل قوة عن اللحاق بهم والعثور عليهم وتاريخ هذه العشيرة سلسلة متواصلة من الفتكات والغارات التي كانت تمر دون عقاب وكانت شرورهم وفظائعهم في الماضي تصل الى قرى الغوطة وجبل القلمون وجبل الدروز وعلى القوافل السائرة بين دمشق وتدمر واعراق وحتى العشائر المجاورة دون ان يستثنو عنزة ذات الصيت والطول والحول.وقد كانو في الماضي يعيشون في الصفا مستقلين كل الاستقلال ولم يحاول الاتراك في عهودهم الاولى اقتحام الصفا والضرب على ايديهم ولم يفكرو في بناء مخفر واقامة درك في سهلهم وموطنهم فالترك لم يبعدو في حراسة البادية عن الضمير كما عمله الرومان في القصر الابيض المبني وسط سهل الرحبة وجبل قلعة سيس المتاخم لسهل الرحبة الا ان فرسان الغياث لم يتركو الاتراك وشأنهم فقامو بقطع الطرقات عليهم ومهاجمتهم في اكثر من مرة ونهبو قوافلهم الا ان انتبهو لهذا الامر في القرن الماضي حوالي عام 1860/م فجاؤو الى الشيخ عياش النعير رئيس فرقة النجاد من العمور(عمور الديرة) وقد كان له نفوذ واسع في منطقة عدرا وضمير التي لم تسلم من غارات الغياث المتواصلة وكلفوه ان يجهز سرية متطوعة من الفرسان ويتعهد بحفظ الامن رويرد عيث الغياث الى حدود الصفا واقام هذه الشيخ في الاخان المسمى خان عياش فاستطاع ان يوطد الامن خلال فترة حياته لكنه ماسبق ان توفي علم1890/م ولم تكلف الدولة العثمانية احد بتلك المهمة واهملتها اهتبل الغيات وانجنو في هذه الفترة وظلو بعدها سنين ينعمون بابعد حدود السلب والنهب لكن الغياث كان يعيش بينهم رجل يدعى شلاش النعير وهو من عشيرة العمور وكان يعرف عنهم كل شئ مواطنهم ومنازلهم ويعرف جميع الطرقات التي تنفذ الى سهل الرحبة وكان بينهم رجل عزيز ذي مكانة ورفعة وكان عمله غالبا في التجارة بين الضمير وسهل الرحبة فقدكان يوصل المؤن والالبسة الى عرب الغياث في الصفا لكن الاتراك توصلو اليه ليعمل معهم ويدلهم على مخابئ الغياث مقابل حفنة من المجيديات والدنانير فجهز الاتراك في عام1907 حملة كبيرة بقيادة اللواء الدركي خسرف باشا الشركسي المشهور بمساعيه في توطيد امن البادية وقد كان المدعو شلاش هو دليل تلك الحملة على ربعه واهله فسارت الحملة وراء شلاش الا انا اعين عشيرة الغياث لم تكن تنام فتنبهو الى الخطر القادم اليهم ورحلو بيوتهم وماشيتهم باتجاه حرة الصفا البركانية الوعرة فخبأو ماشيتهم ونساءهم واطفالهم وجهز فرسان الغياث الابطال انفسهم لمواجهة تلك الحملة ورابطوعلى تخوم سهل الرحبة ينتظرون الحملة ووصلت الحملة في صباح احد الايام الى سهل الرحبة بدلالة شلاش النعير فارادو ان يريحو انفسهم وخيولهم فحطو رحالهم في سهل الرحبة وكان تعداد الحملة يبلغ حوالي 2000 رجل من الاتراك والمتطوعين بقيادة خسرف باشا والاتراك كانو لايعرفون شيئا عن منافذ وطرقات الصفا قبل بزوغ فجر ذلك اليوم اغار فرسان الغياث المغاوير على تلك القاقلة وهم نائمون وجرت معركة عظيمة سطر ت بها عشيرة الغياث اروع انواع الشجاعة والبسالة وانتصروا على جحافل الاتراك فاردو منهم حواي الف قتيل اما الباقون فهربوا ولا يعرفون اين يهربون واستأسر الغياث عدد كبير منهم وهاصيب قائد الحملة ونجا هو وشلاش وبعض من جنوده وظلت جثثهم في ذلك السهل تاكل منه الضباع والوحوش اياما عديدة وفاز الغياث بغنائم كثيرة خلفوها ورائهم من بنادق وخيل ومؤن وعرفت الغياث ان شلاش النعير هو دلال الحملة وحاولو اكثر من مرة قتله لكنه كان بحماية الاتراك في منطقة الضمير وسطر شعراء الغياث قصيدة عظيمة عبر من خلالها الشاعر عن الفخر بعشيرته وندد بالخائن شلاش فاخذ يقول
ياراكبٍ من فوق عجل الفديدي ولد الضروبة من ركاب الشرارات
دويريع وشغل المعلم يزيدي وخروج يزهن على الركايب مليحات
ولجيت القاع مشيو يزيدي وبوبور طاير واللواليم عجلات
سوادكم ياشلاش سود العبيدي سود الغراب اللي بالشواهيج مرباو
ياشلاش ليش تبيعنا بالمجيدي احنا ربوعك لكن بالراس شومات
جبتولنا اتراك ومعهم عبيدي يريدون عرض البيض مابهن مناجاة
لكن هاجم عليهم كاسبين الحميدي وفعلنا يوم عينك تحلاه
والضبع عيد عالرجاجيل عيدي ياكل لحم شيوش والقوج يسناه
لكن تلفي على الجراح ليياوديدي وبذلهم هرجٍ لو سلامات
وياشيخهم مايزخ غير العقيدي يلي على روس الحراب الطويلات
ونسمعلن بصعيب شيخ جديدي وشيخ وماندري شيخته وين ملفاه
ويامن خبر سعيدي يذهب سعيدي ومهيرجي راع الدروب الرديات
ولهذه القصيدة بقية لكن هذا ماستطعت ان اتجمعه من ابوي اطال الله في عمره
وبعد خروج الاتراك من بلاد الشام دخلها الفرنسيون الذين لم يسلمو ايضا من الغياث في عام1920 فهاجمو ثكناتهم ونهبوا قوافلهم وظل الغياث يقطعون الطريق على السيارات العامة بين دمشق وبغداد ونهبو مرة بريد بغداد وفازو بثلاثين الف دينار وانضم الى عشيرة الغياث افخاذ من عشائر الزرافات و البدور الذين هم من قبيلة العمور فساق الفرنسيون عليهم قوة من الهجانة في سنة 1942 يعضدها مدفع جبلي وسيارات رشاشة فجرت المعركة قرب جبل سيس فاستشهد من الغياث قرابة عشرين رجلا وجرت بعدها معارك ومناوشات كثيرة ثم اشترك الغياث في الثورة السورية وعقدوا اللواء للشيخ خلف العياش النعير القائد المغوار وصارو يؤون الثوار الدمشقيين والدروز في مواجهة الفرنسيين ولما استتبت الامور لبعض الوقت غزا اغياث جبل القلمون ونهبو حوالي5000راس من الماشية ونهبو بيادر التي زرعها الفرنسيون في المرج شرقي دمشق وحاو افرنسيون وقتئذ رد بائقتهم فقام الرئيس كاربنتيه قائد سرية الهجانه بحرس قوافل سيارات بغداد فهاجمها الغياث واصيب كاربنتيه في12 ايلوا 1942 على يد احد المساعيد المنضمين الى الغياث فشاد الفرنسيون له وسط شارع بغداد في دمشق سبيل ماء وسجلو عليها اسمه وتاريخ وفاته وعندما يأس الفرنسيون من ضربات الغياث الموجعه صارت الطائرات الفرنسية تراوح الغياث اقصف وفرق الهجانه تحاصرهم الى استأمنوا وعجزوا وسلم الشيخ خلف العياش نفسه علامه لهذا الاستئمان ةتعهد الشيخ خلف بتسليم عدد من البنادق والغنم وبالسماح للفرنسيين باحتلال الصفا لقاء العفو العام عنه وعن الغياث جميعهم وبعد ان وطد الجند افرنسي اقدامه بين ظهرانيهم واقام مخفرا في موقع الزلف اخلدو الى السكينة والانصراف الى امور الرعي والتجارة
اما افخاذ الغياث فهي الكلابنة لعايد الطالب الثويني والعتقة واشهرهم العشبان والهريرة واشهرهم النوري واالاقرع
ملاحظة:جميع المعلومات المتعلقة بمعركة الاتراك تم اخذها من والدي حسين النوري اطال الله في عمره اما فيما يتعلق بالفرنسيين فاخذتها من كتاب عشائر الشام الصادر عن مكتبة دار الفكر في دمشق ووثقتها في كتاب واحد يسطر تاريخ العشيرة